Wednesday, September 7, 2011

أصنع أسطورتك ولا تخضع

أعلم - عن تجربة - كم هو صعبا أن تعيش وفقا لمبادئك ، خاصة إذا كانت مبادئك تقدس الحرية في مجتمع يؤمن بالسلطة أكثر مما يؤمن بالإختيار .. و خاصة إذا كانت مبادئك تعلي من قيمة التسامح في مجتمع يعشق الإنتقام و يرفعه فوق الحق في الحياة .. و خاصة إذا كانت مبادئك تحثك على الرحمة و الحق في مجتمع - صغيرا كان أم كبيرا - ينتشي بالقوة و يحترم الباطشين و يطالبك بأن تكون بألف وجه حتى يقبلك داخله

أعلم أنه من الصعب أن تعيش وفقا لمبادئ تحثك على النظر للأمور بموضوعية في مجتمع يتغذى على النفاق ورفع المنافقين فوق المنابر ، مجتمع يرى في وصف الأمور بأوصافها الحقيقية نقص عقل و دين و أخلاق ، فلا خلاص لنا - وفقا لعقلية مجتمعنا - إن لم نجل كبرائنا حتى لو علمنا عنهم الخطأ و رأينا منهم النواقص ، و لا خلاص لنا - وفقا لعقلية مجتمعنا - إن لم نلتحق بركب "قطيع ما" يسبغ علينا حمايته ويحدد لنا إختياراتنا .. قطيع ننتمي له بلا تفكير و ندافع عنه في الحق و الباطل ،، قطيع في هذا الإتجاه أو ذاك ،، المهم أن يكون لك تصنيف ما يمكن قياسك عليه

من الصعب أن تؤمن بحق الضعيف و الفقير و الشخص العادي في الندية مع القوي و الغني و صاحب السلطة في مجتمع يقيم الحد على الضعيف ويطحن الفقير ويهمش الفرد و ويختلق التبريرات والحجج للقوي وينصر الغني و يحصن صاحب السلطة من أى نقد

من الصعب أن تؤمن بالفرص و الحقوق المتساوية في مجتمع قائم على التمييز البغيض ، تمييز ديني و جنسي و اجتماعي ، مجتمع يرى الأقليات أخطاء حسابية يجب إصلاحها أو تهميشها و يرى الأنوثة خطأ خلقي و خطيئة أخلاقية يجب وأدها أو قمعها و يرى الفقر قرين الذلة والهوان فلا رأى لمن لا مال لديه

أعلم كل هذا و أكابده يومياً على المستوى النظري ... فكلما تمسكت بمبادئك عن الحرية و المساواة و العدل و الرحمة و الصدق أكثر كلما واجهت استبدادا و تمييزا و ظلما و قسوة أكثر ,, لطالما واجهت كل ذلك نظرياً على مستوى الأفكار و الآراء و الكتابات .. و لذلك أكتسبت عداء البعض و بغضهم و أكتسبت احترام البعض الآخر و تقديرهم

لكن ما يصنع احترامك الحقيقي لذاتك و لمبادئك هو ألا تكون تلك المبادئ مجرد نظريات على الورق تدافع عنها طالما لم تخرج إلى الواقع و تتجسد في حياتك ، ما يصنع إحترامك لذاتك هو مدى تناسقك مع مبادئك في حياتك الخاصة والعامة تناسق فعلي قد يرضى عنه المجتمع أو غالبا يلعنه
لكنك في خطواتك لا تجعل من رضا المجتمع إغراء و لا من رفضه تهديد .. بل تفعل و تقول ما يمليه عليك عقلك و قلبك و ضميرك .. ما يصنع أسطورتك الذاتية هو أن تتحرر من القيود الخارجية و الأساطير الخيالية ،، ما يكسبك إحترام ذاتك لذاتك هو أن تكون أنت ذاتك لا ما يريده الآخرون - غنم القطيع - أن تكون

يقولون في المثل الشعبي المصري أسعى يا عبد ،، و أقول بل أسعى يا حر و أجبر الكون كله على السعى معك و خلفك و على خطاك و لا تخضع

1 comment:

nonaia magnonaia said...

لما قريت العنوان خمنت المقال ، فجبت من اخرها عجبتني وكملت لفوق ... هقولك ايه اديك قلت اسطورة!!! فلنصنعها ولا نخضع :